ليلة المعركة أنزل الله تعالى مطرا كان على المسلمين خيرا ورحمة، إذ هدأ النفوس وطهرها من رجز الشيطان، وثبت الأرض الرملية لتخف حركة المسلمين؛ في حين كان وبالا على المشركين إذ منعهم من التقدم وعرقل حركتهم.
وليلة المعركة، نام المسلمون نوما عميقا تهيؤوا بل هيأهم الله تعالى به نفسيا وجسديا للمعركة، وقد سجل القرآن الكريم هذه التأييدات في سورة الأنفال قال عز من قائل: ﴿ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان، وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام﴾ .
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم القائد والمربي فقد بات قائما بين يدي الله تعالى يصلي ويستمطر رحمة ربه حتى أسفر الصباح، إنها ربانية القيادة تتضرع بين يدي ربها تسأله النصر والتأييد وتتجرد من كل حول بعد أن هيأت ما تطيق من أسباب.
وعلى النقيض من ذلك قضى المشركون ليلتهم كسابقاتها في المجون شربا للخمر واستماعا لغناء القيان يمنون أنفسهم بنصر كاسح يشهد لهم به عددهم وعدتهم.
ويوم بدر، وقبل المعركة نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه الثلاثمائة ونيف ونظر إلى المشركين وهم ألف وزيادة فاستقبل القبلة وظل يدعو ربه ويلح في الدعاء ويستغيث، يقول سبحانه مصورا هذا المشهد: ﴿ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم، وما النصر إلا من عند الله﴾ .
وتبدأ المعركة وتدور رحاها على المشركين، ويثبت الله جنده بتثبيت الملائكة لهم، وتملأ قلوب المشركين رعبا، فيسقط أغلب صناديد قريش صرعى ويهزم الله تعالى الشرك وحزبه وينصر الحق وجنده، وكانت الحصيلة سبعين قتيلا وسبعين أسيرا في صف قريش وأربعة عشر شهيدا من المسلمين.