فتح خيبر
مكان فتح خيبر
خيبر بلسان اليهود: الحصن، وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير، وهي تبعد مسيرة يومين عن المدينة المنوّرة.
وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين، شطر فيها خمسة حصون، وهي: حصن ناعم، حصن الصعب بن معاذ، حصن قلعة الزبير، حصن أبي، حصن النزار، والحصون الثلاثة الأُولى تقع في منطقة يقال لها (النطاة)، وأمّا الحصنان الآخران فيقعان في منطقة تسمّى بالشق.
أمّا الشطر الثاني ويُعرف بالكتيبة، ففيه ثلاثة حصون فقط: حصن القموص، حصن الوطيح، حصن السلالم.
تاريخ فتح خيبر
سار الجيش الإسلامي لفتح خيبر في جمادى الأُولى 7ﻫ، وقد تمّ فتح خيبر في 24 رجب 7ﻫ على أغلب الأقوال، حيث حاصرهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بضعاً وعشرين ليلة.
سبب التوجّه لفتح خيبر
لم يكن بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين يهود خيبر عهد، بخلاف بني قنيقاع والنضير وقريضة، فقد كان بين الرسول(صلى الله عليه وآله) وبينهم عهد، ومعنى ذلك أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) توجّه إليهم ليدعوهم إلى الإسلام أو قبول الجزية أو الحرب، فلمّا لم يسلموا ولم يقبلوا الجزية حاربهم.
وكان يهود خَيبر مضاهرين ليهود غطفان على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وغطفان قصدت خيبر ليضاهروا اليهود فيها، ثمّ خافوا المسلمين على أهليهم وأموالهم فرجعوا، فكان هذا سبب خروج النبي(صلى الله عليه وآله) إليهم.
عدّة وعدد المسلمين
كان المسلمون في هذه الغزوة 1400 شخصاً، ومعهم 200 فرس.
الاقتراب من خيبر
ذكر ابن إسحاق بإسناده، عن أبي مروان الأسلمي، عن أبيه، عن جدّه قال: خرجنا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى خيبر حتّى إذا كنّا قريباً منها وأشرفنا عليها، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «قفوا»، فوقف الناس، فقال: «اللّهمّ ربّ السماوات السبع وما أظللن، وربّ الأرضين السبع وما أقللن، وربّ الشياطين وما أظللن، إنّا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرّ هذه القرية، وشرّ أهلها، وشرّ ما فيها، أقدموا باسم الله»(1).
التعسكر حول خيبر
وصل الجيش الإسلامي إلى خيبر ليلاً، فعسكروا حوله، فلمّا طلعت الشمس، وأصبح اليهود، فتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم، فلمّا نظروا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) قالوا: محمّد والخميس ـ أي الجيش ـ وولّوا هاربين إلى حصونهم.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «الله أكبر، خربت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين»(2)، فحاصرهم بضع عشرة ليلة، وكان أوّل حصونهم قد افتتح هو حصن ناعم، ثمّ القموص، ثمّ حصن الصعب بن معاذ، ثمّ الوطيح والسلالم، وكان آخر الحصون فتحاً حصن خيبر.
إعطاء الراية لعلي(عليه السلام)
بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) أبا بكر برايته ـ وكانت بيضاء ـ لفتح خيبر، ولكن رجع أبو بكر ولم يَكُ فتح وقد جهد.
ثمّ بعث(صلى الله عليه وآله) في الغد عمر بن الخطّاب برايته ومعه الناس، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاؤوا يجبِّنُونه ويجبِّنُهم كسابقه.
وخرجت كتائب اليهود يتقدّمهم ياسر أو ناشر ـ أخ مرحب ـ فكشفت الأنصار حتّى انتهوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فاشتدّ ذلك على رسول الله، وقال(صلى الله عليه وآله): «لأبعثنّ غداً رجلاً يُحبّ اللهَ ورسولَه ويحبّانه، لا يولّي الدبر، يفتح الله على يديه»(3).
وفي رواية أُخرى: «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كرّار غير فرار، لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه»(4)، فتطاولت الأعناق لترى لمن يعطي الراية غداً، ورجا كلّ واحد من قريش أن يكون صاحب الراية غداً.
وكان الإمام علي(عليه السلام) أرمد العين، فدعاه(صلى الله عليه وآله)، فقيل له: إنّه يشتكي عينيه، فلمّا جاء الإمام علي(عليه السلام) أخذ(صلى الله عليه وآله) من ماء فمه، ودَلّك عينيه، فبرئتا حتّى كأن لم يكن بهما وجع.
ثمّ قال(صلى الله عليه وآله): «اللّهمّ أكفه الحرّ والبرد»، فما اشتكى من عينيه، ولا من الحرّ والبرد بعد ذلك أبداً، فعقد(صلى الله عليه وآله) للإمام(عليه السلام) ودفع الراية إليه، وقال له: «قاتل ولا تلتفت حتّى يفتح الله عليك».
فقال الإمام علي(عليه السلام): «يا رسول الله، علام أُقاتلهم»؟
فقال(صلى الله عليه وآله): «على أن يشهدوا أن لا إله إلّا الله، وأنِّي رسول الله، فإذا فعلوا ذلك حقنوا منِّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقِّها، وحسابهم على الله عزّ وجلّ»(5).
وزاد في رواية: «واخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم تتصدّق بها في سبيل الله»(6